مقدمة
يقول ابن خلدون: "المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته
وسائر أحواله وعوائده1"
انطلاقا من هذا النص يمكننا أن ننطلق
في تلخيص مضامين هذا الكتاب، فحتى المؤلف إبراهيم السكران يقول بعد أن أورده: "والحقيقة
أن هذا...نص تنظيري مكتمل لا أعرف له في التراث الإسلامي ندا في تحليل ظاهرة سلطة
الثقافة الغالبة2"
مقدمة الكتاب
في المقدمة بين إبراهيم السكران أن
"سلطة الثقافة الغالبة" لا حظ تأثيرها كثير من العلماء المسلمين على
المصلحين والمفكرين منهم الهروي والغزالي وابن تيمية وابن خلدون، ورواد حركة
النهضة العربية الذين عملوا على تطويع الشريعة لثقافة الغرب وذلك لشعورهم بالنقص
أمامها، كما بين أن فرض فهم معين للدين يتماشى مع السلطة الغالبة من أخطر الوسائل
المستعملة في تدجين الشعوب وقولبتها لتذوب في الغالب وثقافته.
ثلاث مداخل نظرية
تحت عنوان: مداخل نظرية تحدث عن ثلاث
نقاط أساسية الأولى التناظر بين الاستبداد الثقافي والاستبداد السياسي، وبين فيه
أن "الخنوع للمستبد السياسي يكثر عند من يتصل بالمناصب الإدارية، بينما
الخنوع للمستبد الثقافي يكثر عند من يتصل بالفكر المعاصر3"
وتحت عنوان الخضوع المضمر للثقافة
الغالبة، وتتجلى في أن الشعارات كتاب وسنة، والتطبيقات البحث عن كل ما يوافق
الثقافة الغالبة، ولو بتعسف على النصوص إما في تضعيف الصحيح وتصحيح الضعيف، وإما
في لي أعناق النصوص فهما لتنسجم مع مع المطلوب، وهو موافقة هوى الحاكم المستبد،
وإما موافقة الثقافة الغربية الغالبة.
وفي عنوان "مصائر الخضوع
للثقافة الغالبة، يؤول هذا الخضوع إلى نتائج وخيمة، كالكذب على الله، لذلك وجب بذل
الجهد لمقاومة هذا الطريق الخطير.
كيف استقبل الخاضع للثقافة الغالبة؟
في الفصل الأول المعنون ب:
"استقبال النص"،
تحدث السكران عن نقاط سبعة يبين فيها مظاهر الخضوع لسلطة الثقافة الغالبة، أول
مظهر هو عزل النص عن التجربة البشرية، يعني أن تجارب المسلمين لا تلزمنا، رغم أن
تعظيم السلف والاهتداء بفهمهم للنص الشرعي دلت عليه نصوص شرعية كثيرة.
المظهر الثاني توظيف مفهوم الوسطية
إما إفراطا فيها أو تفريطا، قد يؤدي إلى تحريف الأحكام الشرعية والهدف أن تكون
وسطا بين فهم السلف والثقافة الغربية الغالبة، أما المظهر الثالث فيتجلى في تقنية
التبعيض، ويرى السكران أن العلمانيين، والليبيراليين، والتنويرين واليساريين،
المتأثرين بسلطة الغرب الغالب، أنهم يجزؤون الوحي، يأخذون منه ويدعون والسبب أن
يحققوا "شيئا من الطمأنينة الداخلية بأنها ما زالت تتصل بسبب إلى الإسلام،
وأنها تنطلق من الإسلام، وأن مشكلتها ليست مع الإسلام4"
المظهر الرابع عنونه ب "قطعنة
الشريعة"، المتجلي في أن التيارات الفكرية المعاصرة تهدف تضييق مجال القطعي
في الشريعة الإسلامية وتوسيع المجال الظني، بناء على أن ما يستحق الامتثال هو
القطعي، أما الظني فلا حرمة له ولا كرامة فيجوز تركه، أما المظهر الخامس، فهو تتبع
الرخص، الذي يسعى لشرعنة المعطيات التي تفرضها الثقافة الغالبة، والمظهر السادس
المعنون ب "حاكمية الذوق الغربي"، ومفاده أنه يجب على المسلمين أن يطوروا أحكام الدين
الإسلامي مع الذوق المعاصر، وكأنه يقول لك "الذوق المعاصر أرقى من أحكام
الوحي5"
ومن المظاهر
أيضا ضغط الثقافة الغالبة على الشعائر، وأعطى مثالا لصلاة الكسوف...
كيف تعامل الخاضع لسلطة الثقافة الغالبة مع العلوم المعيارية الإسلامية؟
الفصل الثاني من كتاب سلطة الثقافة
الغالبة: العلوم المعيارية
كيف يتعامل المتأثرون بسلطة الثقافة
الغالبة مع العلوم المعيارية؟
في المبحث الأول المعنون بتعديل
الجهاز الدلالي، بين السكران أن أصول الفقه مسؤول عن ضبط الدلالة، ومصطلح الحديث
مسؤول عن ضبط الثبوت ولأنهما حصن متين أمام جنود الثقافة الغالبة، حاولوا زحزحته
من طريقهم لفسح الطريق أمام بذور الفكر الغربي في العلوم الإسلامية، بناء على أن
علم أصول الفقه علم اجتهادي قابل للتطور، وأن مؤسسه رجل مجتهد هو الإمام الشافعي
في الرسالة، وبين السكران تهافت هذا الطرح بأن علم أصول الفقه هناك أصول فيه قطعية
ثابتة غير قابلة للتغيير، وان الإمام الشافعي مواضيع كتبه كلها تعرضت للبحث قبله، وما
فعله الشافعي هو إفراد هذه المواضيع البحثية في مصنف مستقل.
في النقطة الثانية من هذا الفصل
المعنونة ب: التركيز على الرواة المكثرين، بين فيه أن الطعن في السنة ركز أساسا
على الطعن في الرواة المكثرين للحديث الشريف كأبي هريرة....وما يفعل المغلوبون
بالثقافة الغربية هو "أنهم يحاكمون المرويات إلى ذوق الأمم الغالبة، وليس إلى
القواعد العقلية الموضوعية6"، وغير ذلك من النقاط كتوظيف نقد المتون من
طرف القدماء، وما سماه بتعاكس التجديد، وبين أن العلوم الشرعية الابداع والتجديد
فيها يركز على القدرة على العودة إلى الأمر الأول، أما العلوم المدنية فالإبداه
فيها هو التحرر من الماضي واستحداث الجديد، وهذا الفرق الجوهري غائب عن كثير ممن
وقعوا تحت تأثير سلطة الثقافة الغالبة، ثم استراتيجية اللابديل الذي يهدم فقط.
كيف يرى الخاضع للثقافة الغالبة نظام العلاقات مع الآخر؟
في الفصل الثالث من كتاب: سلطة
الثقافة الغالبة، نظام العلاقات،
الحديث فيه
"عن بعض التمييزات العلمية الشرعية في التعامل مع المخالف، وقاعدة القرآن في
الولاء والبراء، والتي تتعارض كلها مع مفهوم الحرية الليبيرالية في الموقف من
المخالف7"
في النقطة
الأولى المعنونة ب: "تمييزات العلاقة بالمخالف"، بين أن المتأثرين
بالثقافة الغربية، أهتموا بما سموه الموقف من المخالف، الذي يسمونه أحيانا ب
الليبيرالية والحرية، يعملون على تأويل الأحكام الشرعية المعارضة للمخالف، لتنسجم
مع تلك الثقافة وغيرهم، وبين أن الموقف من المخالف مفصل في الأحكام الإسلامية،
وإثارة هذا الموضوع في سياق تاريخ معين الهدف منه تقويض الفكر الإسلامي وتغريبه.
وفي النفطة
الثانية، المعنونة ب: "تفكيك مفهوم الطائفية"، وبين فيه أن الفئة
الخاضعة للثقافة الغربية ترى الكثير من النقد الذي يوجه لفئة معينة من الناس هو
كلام طائفي ينبغي تجريمه، وإن كان كلاما يبين ضلال بعض الطوائف المنحرفة، لذلك
فالطائفية التي تعني "منع ظلم الطائفة المنحرفة فهذا حق8"
في النقطة
الموالية، المعنونة ب "لبرلة الولاء والبراء"، ويعني جعلها أن توافق ما
تراه الثقافة الغالبة صحيحا، رغم أن الولاء والبراء واضح في القرآن الكريم.
وفي النقطة
التالية المعنونة ب: "مفارقات لبرلة الخلاف"، وفكرتها: أن الخاضعين
لثقافة الغالب يتحدثون كثيرا حن حرية المخالف حديثا مخالفا للشريعة، وفي ذات الوقت
ينتهكون حقوق المخالف الشرعية ذاتها9"، ثم محاولة كسر الخصوصية
العيدية، وتسفيه مفهوم الجهاد، والنيل من جناب محمد صلى الله عليه وسلم.
في الختام
كل ما تضمنه
هذا الكتاب يلخص في فكرة واحدة: "نمط فهم الدين في مراحل الاستضعاف أمام
الأمم الغالبة10".
الهوامش
1 المقدمة 1/283
2 سلطة الثقافة
الغالبة ص: 10
3 نفسه ص: 29
4 نفسه ص: 75
5 نفسه ص: 111
6 نفسه ص: 159
7 نفسه ص: 228
8 نفسه ص: ص: 209
9 نفسه ص: 228
10 نفسه ص: 255